الاثنين، 21 مارس 2022

أنا وعميد الأدب العربي متفقين!

عندما تتوقع شيء أو تقرأ الواقع بطريقة ما، وتجد أن عميد الأدب العربي "الدكتور طه حسين"  يوافقك فيما ذهبت أنت إليه، فأنت بلا شك شخص محظوظ، هذا ما حدث معي مؤخراً وأنا أقرأ كتابه "مستقبل الثقافة في مصر". 

أعلم أنه قد يكون توافقي واتفاقي الذي سأشير إليه ها هنا مع عميد الأدب العربي، أمر قد يراه البعض بسيط ولا داعي للإشارة إليه، ولكن أهميته الكبيرة بالنسبة لي تكمُن في رغبتي الدائمة في ترتيب أفكاري وتكوين تصوراتي الخاصة لأوضاعنا وأسبَاب تأخرنا وكيفية النهوض .. ويصادف أن أقرأ الواقع بطريقة شرحها الدكتور طه حسين كما تصوّرت أنا بالضبط. 

كنت قد قلت في مشاركات متفرقة وسابقة لي على موقع فيسبوك -وكان يهاجمني البعض بسبب ما أقول- أن بلادنا في العالم العربي والإسلامي اليوم، هي بلاد حديثة في كل أنظمتها وقوانينها، بنيناها على أُسس غربية حديثة، اخذناها من أوروبا، وهي ليست بأي شكل من الأشكال دول إسلامية كما يتصور أو يتخيّل بعض الشباب أو كما يريد ويتمنى بعض المتطرفين والمتشددين هنا وهناك، وهذا تقريباً ما قاله عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين عام ١٩٣٧ في كتابه ( مستقبل الثقافة في مصر ) 

واقتبس من كلام العميد 

بداية الاقتباس 
(( مدت أوروبا الطرق الحديدية، وأسّلاك التلغراف والتليفون، فمدَدناها، وجلست أ
وروبا إلى الموائد، واتخذت ما اتخذت من آنية الطعام وأدواته وألوانه، فصنعنا صنيعها، ثم تجاوزنا ذلك إلى ما اصطنع الأوروبيون لأنفسهم من لباس، ثم تجاوزنا ذلك إلى جميع الأنحاء التي يحيا عليها الأوروبيون فاصطنعناها لأنفسنا، غير مُتخيرين ولا مُحتاطين، ولا مميزين بين ما يَحُسن منها وما لا يَحُسن، وما يلائم منها وما لا يلائم.
ونستطيع أن نقول : إن مقياس رقي الأفراد والجماعات في الحياة المادية مهما تختلف الطبقات عندنا إنما هو حظنا من الأخذ بأسباب الحياة المادية الأوروبية.
وحياتنا المعنوية على اختلاف مظاهرها وألوانها أوروبية خالصة، نظام الحكم عندنا أُوروبي خالص، نقلناه عن الأوروبيين نقلاً في غير تحرجٍ ولا تردد، وإذا عبنا أنفسنا بشيءٍ من هذه الناحية فإنما نعيبها بالإبطاء في نقل ما عند الأوروبيين من نُظُم الحكم وأشكال الحياة السياسية.)) 
نهاية الاقتباس 


اسماعيل محمد وعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين
اسماعيل محمد وعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين

لا أعرف في الحقيقة كل الأسباب التي دفعت عميد الأدب العربي ليكتب ما كتب، ولكن يمكنني أن أتخيّلها، بينما الأسباب التي دفعتني لأكتب ما وجدت -بالصدفة- أن عميد الأدب العربي قد قاله في كتاب من أكثر من ٨٠ عام، هو رؤية الكثير من الشباب غير الواقعية للواقع الذي نعيشه. 

فللأسف الكثير من الشباب يتخيّل ويكتب على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي أننا لا نزال نعيش في ظل ما يُسمى بالدول الإسلامية، وبأننا نطبّق قوانين الشرع والشريعة، وفي حقيقة الأمر كلامهم هذا كان يدفعني للتساؤل عن ما إذا كان هؤلاء الشباب يعرفون بالفعل المقصود بالمحاكم الشرعية، أو يعرفون جيداً المقصود بمصطلحات كالدستور او الديمقراطية، فكنت دائما ما أُكرر بأننا نعيش في دول حديثة ونطبق أنظمة حكم حديثة، وقوانيننا في غالبها الأعظم قوانين وضعية وضعها بشر، كما أن أنظمتنا الاقتصادية حديثة ونظم التعليم لدينا أيضاً هي حديثة وكل هذه الحياة التي نعيشها هي من نتائج الحضارة الأوروبية، أخذناها منها ونقلناها عنها. 

ببساطة واختصار مصر وكل الدول العربية ( دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ) تحاول أن تكون أوروبا جديدة على الرغم من كل ما قد يظهر من مؤشرات تدل على العكس.

ملاحظة : يمكن قراءة كتاب "مستقبل الثقافة في مصر" كاملاً أونلاين من موقع مؤسسة هنداوي على شبكة الإنترنت من خلال هذا الرابط

هناك تعليقان (2):

  1. ايوه يا اسماعيل بس الصحوه سعت برده حضاره بعيده عن الغرب

    ردحذف
  2. مش فاهم سؤالك
    حاول تسأل السؤال مرة تانية

    ردحذف

مرحلة الخمسينات والستينات هي مرحلة الصعود السريع للهاوية

مرحلة الخمسينات والستينات هي المرحلة المؤسسة للإنهيار الحضاري والأخلاقي اللي احنا عايشينه النهردة في مصر .. وأغلب الناس اللي شايفنها مرحلة ر...