على الرغم من أننا أخذنا من الحضارة الغربية كل شيء، وبدأت نهضتنا في مصر منذ حوالي ٢٠٠ عام اعتمادا -وبشكل كامل- على أسباب ومقوّمات الحضارة الغربية إلا إننا نُعاني من أزمتين رئيسيتين في علاقتنا مع هذه الحضارة.
ولكن قبل أن أكتب عن الأزمتين، أحب أن أذكر شيء مهم وهو أني لست من المنبهرين بالحضارة الغربية للدرجة التي لا تجعلني أرى العيوب أو السلبيات الموجودة فيها، ولكن في نفس الوقت أعلم أن الأخذ بأسباب الحضارة يؤدي دائماً إلى نتائج إيجابية ونتائج أخرى سلبية، وهذا لعمري أمر طبيعي ومتوقع حدوثه، فعند زراعة الأرض بمحصول ما سيكون من إيجابيات زراعته الوفرة من هذا المحصول، ولكن -وفي نفس الوقت- ربما يتسبب هذا المحصول في إرهاق الأرض فتكون هذه من السلبيات، ولكن -ورغم ذلك- لن نخرج لنلعن الزراعة كما يفعل بعض لاعنين الحضارة الغربية منذ بدأت نهضتنا في مصر من حوالي ٢٠٠ عام بالأخذ بأسباب تلك الحضارة العظيمة.
ولكن قبل أن أكتب عن الأزمتين، أحب أن أذكر شيء مهم وهو أني لست من المنبهرين بالحضارة الغربية للدرجة التي لا تجعلني أرى العيوب أو السلبيات الموجودة فيها، ولكن في نفس الوقت أعلم أن الأخذ بأسباب الحضارة يؤدي دائماً إلى نتائج إيجابية ونتائج أخرى سلبية، وهذا لعمري أمر طبيعي ومتوقع حدوثه، فعند زراعة الأرض بمحصول ما سيكون من إيجابيات زراعته الوفرة من هذا المحصول، ولكن -وفي نفس الوقت- ربما يتسبب هذا المحصول في إرهاق الأرض فتكون هذه من السلبيات، ولكن -ورغم ذلك- لن نخرج لنلعن الزراعة كما يفعل بعض لاعنين الحضارة الغربية منذ بدأت نهضتنا في مصر من حوالي ٢٠٠ عام بالأخذ بأسباب تلك الحضارة العظيمة.
أما عن أزماتنا في علاقتنا بالحضارة الغربية فهي أزمات مُزمنة، كتب عنها عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين قبل أكثر من ثمانين عام في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" وها أنا أيضا وبعد كل هذه السنين أكتب عنها مرة أخرى.
الأزمة الأولى هي إننا في مصر كالقطط نأكل ونُنكر أننا أكلنا أي شيء : فرغم إن كل شيء في حياتنا هو اقتباس أو نِتاج أو تقليد من الحضارة الغربية إلا إننا نعيش حالة من الإنكار. رغم أن كل ما لدينا من منتجات ورفاهية في العيش هو من الحضارة الغربية، إلا إننا ننكر ذلك ولا نذكر ذلك بل ونتهم الغرب -أي أهل وأصحاب هذه الحضارة- بأنهم يخفون عنا أسباب حضارتهم وتفوقهم المادي، ولعمري إننا لا نفعل ذلك إلا لنعلّق شيء من فشلنا على شماعة الغرب الذي نخاصمه ونصارحه العداء في العلن، بينما نعيش معه في الخفاء في ودٍ واتصال، وهذا ينقلنا للأزمة الثانية.
أما الأزمة الثانية، هي أننا نعيش حالة خصومة نفسية وعداء مع هذه الحضارة، وربما يعود أصل هذه الخصومة إلى الصدمة التي تعرضنا لها عند اتصالنا بهذه الحضارة لأول مرة مع وصول نابليون وجيشه (الحملة الفرنسية) ، وصدمتنا الشديدة بالمدافع والأدوات الحربية التي لم نكن نعرف عنها أي شيء من قبل، مما أثار دهشتنا ورسّخ في نفوسنا لفكرة التفوق الغربي، الذي لن ولم نتفوّق عليه إليه في يوم من الأيام، وأصبحنا نستدعي هذه الصدمة مراراً وتكراراً منذ تاريخ هذه الحملة حتى يومنا هذا، ويمكن أن نرى هذه الخصومة واضحة في الفكر القومي العربي ( العروبي ) الذي بُني على اتهام الغرب بجملة من الاتهامات، وتارة نلحظه في أدبيات الإسلام السياسي الذي كان يرى أيضا الغرب كحضارة منحلّة لا أخلاق فيها ولا قيم على حد تعبير سيد قطب في كتابه "معالم في الطريق"
كل الشواهد تؤكد أننا اليوم جزء من هذه الحضارة، ولكن اضطراب علاقتنا مع هذه الحضارة، بسبب وجود أزمات في علاقتنا بها كالتي ذكرتها بالأعلى، ربما هو السبب الذي يجعلنا حتى يوم نلعب دور المُستهلك فيها فقط، فنحن نشتري منهم أحدث التكنولوجيا ولا نصنعها، ونشتري أحدث الأسلحة ولا نصنعها، وأصبحنا نشتري كل شيء ولا نعرف وربما لا نريد أن نعرف كيف نصنع، على الرغم من أننا نحاول ولكن على المستوى الشعبي والنفسي لبلدنا ومجتمعنا نحن نرفض ونرفص ونحتقر هذه الحضارة وبالتالي ربما نحقق المثل الشعبي الشهير القائل ( رقصت على السلم ﻻ اللى فوق شافوها وﻻ اللى تحت سمعوها ) .. ويبقى السؤال: متى نعالج أو نتخلّص من أزماتنا ونرقص جنباً إلى جنب مع صنّاع الحضارة الغربية؟.
على الهامش : انصح بقراءة كتاب (مستقبل الثقافة في مصر) لعميد الأدب العربي طه حسين، يمكن أن تجدوه في موقع مؤسسة هنداوي بالبحث في جوجل ( مستقبل الثقافة في مصر + مؤسسة هنداوي )
-
-
كما يمكنكم التواصل معي دائما عبر حسابي على مواقع التواصل الاجتماعي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق