لن أدّعي أني أعرف كل نصائح الدكتور سيد القمني (الله يرحمه) لتلاميذه أو محبيه، ولكن هكذا كانت نصائحه لي قبل حوالي ٧ سنوات عندما التقيت به في منزله ورحب بي كابن له، وتعرفت عليه وأحببته كوالدي، وأنا بالفعل ودون أي مبالغة شعرت بوفاته أني فقدت عمّ من أعمامي .. فالدكتور سيد يشبه كثيراً كل أعمامي ويشبه والدي، حتى إني قلت له مازحاً : "اكيد احنا قرايب يا دكتور لأن فيك شبه من أعمامي وبابا".
في مقابلتي مع دكتور سيد القمني كنت اريد أن أعرف كل شيء يدور في عقله، كنت متحمّس جداً لأعرف كل ما يعرفه، هكذا كنت أشعر، وكان هذا هو الدافع وراء كل اسئلتي التي حاولت أن أوجهها له.
ومن اسئلتي التي كنت ابحث لها عن إجابة لديه هو سؤال : ما هي أهم نصائح دكتور سيد القمني لتلاميذه في كل مكان في العالم؟، إجابة الدكتور سيد كانت تحتوي على نصيحتين بمرور الوقت شعرت بمدى أهميتهما.
نصائح الدكتور سيد القمني : كانت النصيحة الأولى هي أن لا اتفق معه فيما يقول وأن أخالفه وانقده.
هكذا شرح لي أولى نصائحه : إقرأني واقرأ كتبي لتفكّر فيها وتنقُدها وتأتي بأفضل منها وتطورها لا أن تحفظها وتؤمن بكل حرف فيها، فأنت لست سيد القمني بل اسماعيل محمد .. والمفاجأة السعيدة أنه عندما قرأت مؤخراً عن تطوير مناهج التعليم المصرية وجدت أن وزارة التربية والتعليم تحاول تطبيق هذه النصيحة فهي تريد من التلميذ المصري أن يبدع ويبتكر، لا أن يحفظ الاجابات النموذجية ويرددهُا كالببغاء، تريد أن يكون لكل تلميذ عقل ناقد، عقل لديه القدرة على طرح أسئلة جديدة وليس ترديد إجابات مُعدة مسبقاً.
نصائح الدكتور سيد القمني : النصيحة الثانية كانت ببساطة أن أقرأ أكثر مما أكتب.
من فترة قريبة شاهدت لقاء جمع بين كل من عميد الأدب العربي "الدكتور طه حسين" وكوكبة من شعراء وكتّاب وأدباء القرن العشرين في مصر، كان اللقاء في ستينات القرن الماضي، وكان من إعداد أنيس منصور وتقديم الإعلامية ليلى رُستم، وكان بمثابة لقاء الأستاذ ( د. طه حسين ) بالتلاميذ الذين كانوا -مع حفظ الألقاب- كل من ( عبد الرحمن صدقي ، عبد الرحمن بدوي ، يوسف السباعي ، ثروت أباظة ، أمين يوسف غراب ، عبد الرحمن الشرقاوي ، نجيب محفوظ ، أمين العالم ، انيس منصور ، كامل زهيري ) وعندما سُئل الدكتور طه حسين عن نصيحته لشباب الكتّاب -آنذاك- قال نفس ما قاله لي الدكتور سيد القمني في اللقاء الذي جمعني به، وهو أن أقرأ أكثر مما أكتب.
رحل عن عالمنا الدكتور سيد القمني وترك لنا إنتاجه الفكري الذي يُعتبر في مُجمله مُجرد خطوة من خطوات ومسيرة الإنسانية المستمرة للتعلّم والمعرفة والثقافة، ودورنا هو أن نقرأ القمني لا لنقدس كلماته بل لنفهمها ونحللها لنبني عليها وتساعدنا في بناء تصوراتنا الخاصة، ففي النهاية كتابات وأفكار سيد القمني ليست هي النهاية بل هي مُجرد بداية، ومسيرة التعلّم لم ولن تنتهي.
يمكنك أن تشاهد وتسمع نصيحة عميد الأدب العربي للكتّاب الجُدد في هذا الفيديو من قناة ماسبيرو على يوتيوب
ويمكنك مشاهدة مقابلتي الكاملة مع الدكتور سيد القمني في مجموعة فيديوهات على قناتي على يوتيوب من هنا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق