مرحلة الخمسينات والستينات هي المرحلة المؤسسة للإنهيار الحضاري والأخلاقي اللي احنا عايشينه النهردة في مصر .. وأغلب الناس اللي شايفنها مرحلة رقي وتحضر دي ناس غلطانة أو غير متطلعة كويس على التاريخ بتاعنا .. أو بتكوّن رأي من فيلم أبيض واسود بتشوفه!
في الخمسينات والستينات تم طرد اليهود والأجانب من مصر، وبدأت مصر تخسر تنوعها لصالح الفكر الواحد الذي لا يكتفي حتى بنفسه، بل يعيش على تخوين غيره، وبدأت فكرة المؤامرة تتحول لطريقة تفكير عند غالبية المصريين.
مرحلة الخمسينات والستينات هي مرحلة الصعود السريع للهاوية
إحنا عندنا مشكلة حقيقية كمهتمين بالشأن العام، ألا وهي إن رؤيتنا ورغبتنا لتغيير الأوضاع سواء السياسية او الاجتماعية أو حتى الاقتصادية مسارها هو المسار الثوري، وهو من وجهة نظري ده ناتج عن تأثرنا كلنا بالمنهجية اليسارية ( الثورية ) من بداية القرن العشرين. التغيير عندنا ما يبقاش تغيير ويرضينا إلا لو تم بطريقة ثورية غاضبة.
وكمثال على ما أقول : ممكن اتكلم عن "تعدد الزوجات". طريقة تعاطينا مع ملف المرأة بشكل عام، هي في الغالب طريقة ثورية، غاضبة، أكثر منها طريقة واقعية تسعى لتغيير حقيقي. الجميع في هذه القضية -قضية تعدد الزوجات- يرى أن مَنعه أو تجريمه بالقانون هو بداية الحل، ومن ثم تحقيق وضع أفضل للمرأة في المجتمع. وانا على العكس تماماً، أرى أن منع التعدد أو حتى تجريمه هو نتيجة نهائية سنصل إليها تدريجياً إن اعتقدنا بالفعل أن المرأة مساوية للرجل، وبدأنا في تغيير كل القوانين التي تفرّق وتميّز بين الرجل والمراة على المستوى القانوني أو الاقتصادي.
أنا ببساطة أرى أن بداية إلغاء أو تجريم تعدد الزوجات يكون من خلال تمكين المرأة اقتصاديا وقانونياً واجتماعياً، فبهذه الطريقة ستتحوّل المرأة من مواطن درجة ثانية إلى مواطن درجة أولى قادر على أن يكون له حقوق مساوية تماماً للرجل، وبالتالي لن تقبل المرأة أن تتزوج برجل تشاركها به إمرأة ثانية.
أنا أرى أن تغيير القوانين هو خط النهاية وليس خط البداية. خط البداية في هذا الموضوع يكون من المدارس، بتعليم التلاميذ المساواة بين الرجل والمرأة، ومن ثم بالتأكيد على أن مؤسسة الزواج هي مؤسسة تتشاركها المرأة مناصفة مع الرجل، وليس للرجل فيها أفضلية على المرأة، أما أن نفرض على المجتمع -فجأة- قانون يجرّم التعدد فهو نوع من العبث اليساري الثوري الذي لا يراعي الواقع، بل يهيم في دنيا الأحلام مبتعداً عن الواقع بعد أن أعماه الغضب ورفض هذا الواقع.
في النهاية أريد أنا أؤكد على أني -شخصياً- مع الإكتفاء بزوجة واحدة، وبالنسبة لي أرى أن هذا هو الطبيعي والمنطقي في ظل الحياة الحديثة التي نعيشها الآن، والتي تساوي بين الرجل والمرأة، ولكن -وفي نفس الوقت- أرى أن التعدد لا يزال يناسب الكثير من الأفراد في مجتمعنا سواء من الرجال أو من النساء، ليس حباً في التعدد، وإنما لأسباب اجتماعية واقتصادية وقانونية وثقافية سائدة، دورنا هو أن نزيل هذه الأسباب تدريجياً من مجتمعنا وليس دورنا أن نفرض على المجتمع منع وتجريم التعدد رغبة منا في التقدم وفي إعطاء المرأة حقوقاً إضافية.
حقوق المرأة التي ستجعلها حرة نفسها وتقرر من تتزوج وكيف تتزوج هي الأولى باهتمامنا الآن، فهذه دعوة مني إلى تمكين المرأة اقتصاديا واجتماعياً وقانونيا ليتسنى لها هي أن تختار بنفسها من تتزوج وكيف تتزوج بكامل إرادتها وحريتها.
قبل قليل انتهيت من قراءة بعض من خطابات وتصريحات للرئيس الراحل جمال عبد الناصر وهي مجموعة في كتاب يحمل اسم ( فلسطين ) ويشتمل على مقتطفات من خطب وتصريحات للرئيس الراحل عبد الناصر بين عامي ١٩٥٤ و ١٩٦٤.
فلسطين ( من أقوال الرئيس جمال عبد الناصر ) - مكتبة الرئيس جمال عبد الناصر
الله يرحمه كان مهموم بفلسطين والعرب والعروبة يمكن اكتر من اهتمامه بمصر وشؤونها الداخلية .. تقريبا مافيش خطبة ليه مجابش فيها سيرة فلسطين والوحدة العربية والعروبة.
كما اعتقد أن بداية فكر المؤامرة اللي مترسخ في وجداننا كعرب بدأ من خطاباته، لان مافيش خطاب واحد طوال الفترة دي مذكرش فيه عبارة ( مؤامرة الاستعمار ) .. الله يرحمه كان مقتنع تمام الاقتناع بوجود مؤامرة استعمارية ( من دول الاستعمار الغربية ) بتحاك ضد القومية العربية والوحدة العربية والدول العربية، وإن إسرائيل هي رأس حربة هذه المؤامرة وإن الصهيونية هي المشروع الاستعماري البديل للقومية العربية اللي حيستخدمه الاستعمار لتقويض الوحدة العربية وتفتيت العرب .. واعتقد ان تكراره للفكرة دي في كل خطاب دليل على اقتناعه الكامل بوجود مؤامرة.
من خطاب الرئيس جمال عبد الناصر في قطاع غزة بتاريخ ٢٩ مارس / آذار ١٩٥٥
وواضح أيضاً من خلال ما قرأت أن الرئيس الراحل كان يعتبر اسرائيل جيب من جيوب الاستعمار الغربي في المنطقة العربية. كان يرى أن وجود اسرائيل في المنطقة معناه أن الاستعمار الغربي لا يزال موجود بالمنطقة وأنه لم يرحل عنها، ولا يزال يشكل تهديد على الأمّة العربية والوطن العربي والبلاد العربية، وكان يرى رحمه الله أن الصهيونية هي مشروع يرعاه الاستعمار ليدمر من خلاله مشروع القومية العربية.
من الميثاق الذي قدمه الرئيس جمال عبد الناصر إلى المؤتمر الوطني للقوى الشعبية مساء ٢١ مايو/ آيار ١٩٦٢
من الحاجات اللي ضحكتني أوي وانا بقرأ خطابات وتصريحات الزعيم الراحل جمال عبد الناصر : كان الرئيس بيتكلم مع واحد أمريكي سنة ١٩٦٤ حول موضوع دولة إسرائيل، فالرئيس عبد الناصر عشان يحرج او يقنع الامريكي بموقفنا سأله "هل تقبلون أن تنتزع منكم ولاية كاليفورنيا ؟" .. فتعجب الرئيس جداً لما الامريكي رد عليه وقاله "نعم .. إذ١ أصبح ذلك ضرورياً" 😃 طبعا الرئيس الراحل مسكتش واداله محاضرة عن علاقة الإنسان العربي بالأرض .. وكانت حجة الرئيس إن صلة الأمريكي بأرضه من ٣٠٠ سنة فممكن جدا يتخلى عنها .. بينما الفلسطيني أو العربي علاقته بأرضه من آلاف السنين فمستحيل يتخلى عنها. افتكرت طبعاً فيلم الأرض ( ١٩٧٠ ) المأخوذ عن رواية لعبدالرحمن الشرقاوي ( الأرض ١٩٥٤ ) اللي اعتقد كان بيخدم على رؤية السيد الرئيس ومشروع القومية العربية ورفض وجود الدولة العبرية في ذلك الوقت .. ومش عارف ليه افتكرت في الآخر تيران وصنافير وضحكت برضه 😃
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يشرح لمواطن أمريكي لماذا لا يمكننا كعرب أن نتخلى عن الأرض العربية
اعتاد المثقفين والمفكرين وحتى بعض المحللين السياسين بتوعنا على ربط اسرائيل بأمريكا برباط قوي ومقدس وكأن اسرائيل هي ذراع لأمريكا في الشرق الأوسط، وصراحة هذا الكلام او هذا التحليل هو تحليل من خيال هؤلاء المفكرين والمثقفين .. ففي أبسط قراءة للأحداث التاريخية في القرن العشرين سنكتشف ان الولايات المتحدة في بدايات القرن كانت تعارض أساسا قيام دولة اسرائيل في هذه المنطقة، وبعض الرؤوساء الأمريكيين كانوا يتصورون اسرائيل في أماكن أخرى في العالم ( أفريقيا مثلا او أمريكا الجنوبية ) كالرئيس روزفلت ( ١٩٣٣- ١٩٤٥ ) ، وفي العدوان الثلاثي على مصر ( ١٩٥٦ ) لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دوراً أساسياً في وضع حد للعدوان وأمرت اسرائيل بالانسحاب من سيناء.
المُلاحظ أنه بمرور الوقت كان الرأي العام الأمريكي يقف أكثر فأكثر مع اسرائيل على حساب العرب وهذا ليس بسبب مؤامرة او سحر او شعوذة، وإنما يعود إلى أن اسرائيل كانت تعمل بمنتهى الجهد والإخلاص على تقوية شوكة اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية، هذا اللوبي استطاع بمرور الوقت إقناع الأمريكيين بأن اسرائيل هي الديمقراطية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وبأنها خير حليف لأمريكا في المنطقة، وستراعي مصالح الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من غيرها.
بينما ما حدث عندنا هو أننا فضلنا نكذب لغاية ما تحوّلت الكذبة إلى الحقيقة تقريباً !
ارجع وأكرر ان اللي ودانا في داهية كان المثقفين والمفكريين وأكيد طبعا سياستنا العربية في الخمسينات والستينات ( القومية العربية والفكر اليساري ) .. إلى أن جاء الرئيس السادات ووضع حد للهراء السياسي والدبلوماسي وصحح الأوضاع، وجدير بالذكر أن اليوم وبعد مرور أكثر من أربعة عقود على اتفاقية السلام التي عقدها الزعيم السادات برعاية أمريكية مع اسرائيل بدأت بعض الدول العربية في أخذ نفس الطريق الذي أخذه السادات من قبل.
كان الرئيس السادات ( رحمه الله ) يملك القدرة على تقدير ووزن الأمور والأحداث بواقعية وبشكل عملي بعيد عن الشعارات والخطب الكلامية.
شكل وطبيعية العلاقة وتطورها خلال القرن العشرين بين كل من العرب وأمريكا وإسرائيل
خلال القرن العشرين ما حصل كان كالتالي ( بحسب آخر تصوراتي الشخصية القابلة للتطوير مستقبلا ) :
بداية القرن العشرين : كان الفكر الليبرالي مسيطر على الحياة العامة و السياسية بشكل ملحوظ جداً .. تكوين الأحزاب .. التنافس فيما بينها .. رؤية الحياة نفسها كانت تحتمل الاختلاف والتباين ولكن كانت مشكلتنا في الانتداب الأوروبي على بلادنا .. وكان لدينا رغبة واضحة وصريحة في الاستقلال .. ويمكن ان نستشعر هذا في كلام عميد الأدب العربي طه حسين ... ولكن .. لم يكن العداء والكراهية المتجذرة في نفوسنا تجاه الغرب الآنقد تكوّنت بعد .. لدرجة ان عميد الادب العربي كان بيقول اما بيتكلم عن الانجليز ( اصدقائنا الانجليز )
وفي نفس هذه الأثناء ( وفي ظل الحريات ) ظهر ما سمي لاحقاً ب ( الاسلام السياسي ) فقد أسس حسن البنا جماعة الأخوان المسلمين سنة ١٩٢٨ .. وبدأت الجماعة في النهوض من هذه اللحظة.
فجأة بدأ الفكر العروبي يظهر ويسيطر أكثر وأكثر .. وتزامن ده مع خروج الدول الاوروبية من بلادنا .. وبدلاً من أن نبدأ في بناء بلادنا .. بدأنا في مرحلة استعداء غريبة وشديدة ورهيبة لدول الغرب تزامن كل ده مع خضوع اقتصادنا للأفكار الماركسية الاشتراكية اللي دمرت اقتصادنا وبلادنا .. وكان فيه تحالف واضح جدا بين العروبة والاشتراكية .. وفي نفس الوقت تم قتل أي أصوات أخرى .. ولم يكن يعلو أي صوت فوق صوت المعركة كما كان يقال.
انهار المشروع العروبي تماماً في ١٩٦٧ بعد النكسة .. ولم يكن هناك أي بديل ( بمعنى الكلمة ) سوى الجماعة .. ( الإسلام السياسي ) ..
ولكن من المهم هنا أن نعرف أن فترة العروبة والماركسية ( من وجهة نظري دمرت العقلية العربية وخصوصا العقلية الثقافية والفكرية ) ونحن نعاني حتى لحظة كتابة هذه السطور من هذه المرحلة .. واتمنى ان اكون غلطان.
الإسلام السياسي لم يصل تقريبا للحكم إلا في السودان في مرحلة مبكرة .. ولكن في باقي البلدان العربية استمر في تغيير الطبيعية الاجتماعية تماما للمواطنين زيه زي سوس الخشب كده .. استمر الإسلام السياسي في نشر أفكاره أكثر وأكثر .. واعتقد ان اهم ما اعتمد عليه الاسلام السياسي هو فشل بلادنا .. فكان يتغذى على هذا الفشل بالانتشار .. واعتقد جميعاً يتذكر جيداً كيف كانت شعارات الجماعة في الشوارع في مصر قبل ثورات ما سمي بالربيع العربي!
اعتقد إننا اليوم نعاني من آثار مرحلة العروبة والقومية العربية أكثر من أي شيء. قبلمحاربةالإسلامالسياسيعلينامحاربةكل الأفكار التي ولدت في مرحلةالقوميةالعربية وهي أفكار متجذرةفينفوسناكالجيناتفيالخلايا .. ٩٠٪منمشاكلناالفكريةوالاجتماعيةمنمشاكلنامعالإسلامأوالديناوالإسلامالسياسيهي في الأساس مشاكلصُنعتفيمرحلةالقوميةالعربية.
على سيرة بيع تويتر للملياردير ورجل الأعمالالأمريكي إليون ماسك ب ٤٤ مليار دولار أحب أحكيلكم قصة جديرة بأنكم تعرفوها .. قصة واحد اسمه ( إيفان ويليامز )
قبل تويتر كان فيه حاجة اسمها ( بلوجر Blogger )
بلوجر هو منصة للتدوين (إنشاء المدونات ) وجدَت لأول مرة تقريبا في عام ١٩٩٩ عملها واحد اسمه إيفان ويليامز ضمن شركة أسسها تدعى ( بايرا لابس ) ..
نجحت المنصة نجاح رهيب وقتها وده اللي خلى جوجل تفكر تشتري الشركة على بعضها .. وبالفعل في ٢٠٠٣ جوجل اشترت بايرا باللي فيها ( استحواذ كامل )
بعد حوالي سنة ويليامز سابلهم كل حاجة لأنه ما بقاش مرتاح من استحواذ جوجل وفرض رؤيتها على كل حاجة في بلوجر وقرر يبدأ من جديد بعيدا عن جوجل ..
وفعلا -وبمعاونة مجموعة مطورين شباب- خرج للعالم بعدها بسنتين تقريباً بفكرة كسرت الدنيا ألا وهي ( تويتر ) بس المرادي أقسم انه مش حيبيعه لأي شركة كبيرة مهما حصل ..
وبالفعل اشتغل على تويتر وطوّره وحقق الموقع ثورة حقيقية في عالم التدوين المُصغّر .. كل الشركات حاولت تغريه بالفلوس أو بالإمكانيات التقنية الضخمة والعملاقة والحديثة اللي بتملكها عشان يبيعه ( زي السيرفرات السريعة مثلا المهمة لأي مواقع إنترنت ضخمة )بما فيهم جوجل إلا إنه رفض تماما فكرة التنازل عن تويتر وفضل متمسك بيه وكبره واحدة واحدة بمجهوده ومجهودات أفراد تانية معاه.
تمسكه الشديد بفكرته ونجاحها بشكل ثوري في عالم التدوين والتواصل على شبكة الإنترنت دفع عملاق التقنية جوجل إنه يحاول يقلده .. وبالفعل جوجل أطلقت خدمة مشابهة لتويتر سميتها ( Google Buzz ) ولكن الخدمة لم تستمر ( فشلت ) وتم إغلاقها لاحقاً.
من ٢٠٠٦ ( تاريخ إطلاق تويتر لأول مرة ) وحتى يوم أمس لم تستحوذ شركة أو شخص على تويتر حتى جاء إليون ماسك وبالفعل استحوذ بشكل كامل على تويتر في صفقة معلنة قدرت بحوالي ٤٤ مليار دولار!
افتخر بأني كنت من أوائل مستخدمين تويتر في العالم العربي وأول الداعين للقاءات أعضائه في الحياة الواقعية في مدينة الاسكندرية وكنا بنسميها وقتها AlexTweetUp وكانت لقاءات بتحصل في المدن حول العالم لمستخدمين تويتر.
الدنيا كانت بتتطور في العالم الغربي بشكل مستمر لغاية اللحظة اللي العالم الغربي بدأ يحتك فيها بينا إحنا هنا في عالمنا العربي والإسلامي ( عالمنا العربي والإسلامي كان رايح في داهية تحت سيطرة العثمانيين اللي كانوا محرمين الطباعة ومعيشنا في العصور الوسطى حرفياً ).
وصول العالم الغربي عندنا عمل صدمة كبيرة للمجتمعات العربية وخصوصا مصر اللي بدأت تفوق وتنهض وتحاول تلحق بالتطور الغربي على إيد أسرة محمد علي وبدأت المدارس وبدأت البعثات التعليمية لأوروبا ( زي ما دول الخليج ما بتعمل دلوقتي وبتبعت أولادها للدراسة في الغرب ).
مصر بدأت كأولى البلاد في المنطقة تبعت أولادها يتعلموا في أوروبا وبالفعل نهضت مصر جامد وتطورت وبدأت تقرب أكتر من الحضارة الغربية واقتربت القاهرة من أن تكون عاصمة غربية جديدة على خريطة العالم ولكن في الشرق الأوسط.
ده مش معناه إن مصر كلها كانت أوروبا .. لأ .. فضل غالبية المصريين في فقر وجهل شديد ولكن دي كانت طبيعة الحال في دول كتير جدا .. في أفريقيا وآسيا.
في القرن التاسع عشر الوضع مكنش يعني في أفضل حالاته في أوروبا وبدأت تتبلور في أوروبا أفكار كانت جديدة خالص وقتها .. أفكار تحت مسميات كانت جديدة جداً .. زي القومية .. والأصالة .. وده كان تمهيد للحروب اللي عانت منها أوروبا .. الحرب العالمية الأولى .. والحرب العالمية التانية .. والحروب دي أثرت بشكل كبير جدا علينا احنا في مصر والشرق الاوسط.
نشأة الإسلام السياسي باختصار
في الحرب العالمية الأولى سقطت الخلافة العثمانية ووقعنا احنا فيما يسمى الآن بالعالم العربي أو الوطن العربي تحت سيطرة الدول اللي انتصرت في الحرب العالمية الأولى ( بريطانيا العظمى ، فرنسا ).
سقوط مصر تحت الانتداب أو الوصاية الإنجليزية طورنا بشكل ما .. وبدأ الإنسان المصري يدوّر على هوية خاصة بيه يقدر يعرف نفسه بيها ... متأثراً بالترند اللي كان مجتاح اوروبا .. الترند اللي صنع الفاشيات الأوربية ( ألمانيا المثال الأبرز ) اللي كانت بتحارب انجلترا ( انجلترا هي البلد اللي في نظر المصري مُحتل لبلده مصر ووصي عليه ( المُستعمر ) ) وبدأت في اللحظات دي مخاض وولادة ما يسمى بالإسلام السياسي كمسار للبحث عن هوية للإنسان المصري .. وبدأ الإسلام السياسي يحاول فرض نفسه بأي طريقة على المُجتمع ولكن حركة الضباط الأحرار لم تعطي لحسن البنا واتباعه الفرصة بوصولها إلى حكم مصر في ١٩٥٢ وبدأت رحلة محاولات الإسلام السياسي للسيطرة على مصر.
وعن ولادة الإسلام السياسي : قام الكاتب عبدالرحيم كمال في مسلسله الجديد في رمضان ٢٠٢٢ ( جزيرة غَمام ) في أولى حلقات المسلسل من تمثيل ولادة الإسلام السياسي في شخصية "مُحارب" ( فتحي عبد الوهاب ) متمثلاً في بداية ظهور الرغبة بالسيطرة باستخدام الدين، وتحويل الدين من مجرد تعاليم إلى قوانين سياسية حاكمة ومُتحكمة في المجتمع والناس ومن ثم بعد ذلك الدولة نفسها ومؤسساتها المختلفة. لم يتمكن الإسلام السياسي من السيطرة على الحياة في مصر ولكن نكسة عام ١٩٦٧ كانت مرحلة فاصلة في تاريخ جماعات الإسلام السياسي .. فالوضع انقلب ١٨٠ درجة لصالحها بعد هزيمة ٦٧ وبدأت رحلة سيطرة هذه الجماعات بأفكارها الفاشية على المجتمع وعلى العقل الثقافي والعقل الجمعي للمجتمع المصري ( بالمناسبة العقل المصري كان في أسوأ حالاته لأنه تم حرثه لفترة طويلة بأفكار أكثر فاشية وقمعية متمثلة في القومية العربية التي كانت مبنية على رفض اليهود ورفض الدولة العبرية ، بالإضافة إلى الخصومة الأبدية مع الغرب ) لا تختلف -من وجهة نظري- فلسفات جماعات الاسلام السياسي كثيرا عن فلسفات القوميات الفاشية الأوروبية أو حتى عن فاشية القومية العربية اللي وصلت للحكم والتأثير في مصر والعالم العربي من قبلها، ولكن نجحت أوروبا سريعا من التخلص من هذه الفلسفات الفاشية ولم ننجح نحن في مصر والعالم العربي من التخلص من سيطرة هذه الجماعات بأفكارها الفاشية.
ولا يمكنني التخمين هل سننجح من التخلص من هذه الجماعات وهذه الفلسفات الفاشية إلى الأبد ونهائياً أم أننا سنعاني منها لفترة أطول مما اتوقع .. خصوصا أننا لا نزال نعاني من الآثار السلبية للفكر السابق للإسلام السياسي ( القومية العربية )
