الأربعاء، 1 يونيو 2022

منع تعدد الزوجات والحس الثوري عند أشباه المثقفين ( اليسار )

 إحنا عندنا مشكلة حقيقية كمهتمين بالشأن العام، ألا وهي إن رؤيتنا ورغبتنا لتغيير الأوضاع سواء السياسية او الاجتماعية أو حتى الاقتصادية مسارها هو المسار الثوري، وهو من وجهة نظري ده ناتج عن تأثرنا كلنا بالمنهجية اليسارية ( الثورية ) من بداية القرن العشرين. التغيير عندنا ما يبقاش تغيير ويرضينا إلا لو تم بطريقة ثورية غاضبة.

وكمثال على ما أقول : ممكن اتكلم عن "تعدد الزوجات". طريقة تعاطينا مع ملف المرأة بشكل عام، هي في الغالب طريقة ثورية، غاضبة، أكثر منها طريقة واقعية تسعى لتغيير حقيقي. الجميع في هذه القضية -قضية تعدد الزوجات- يرى أن مَنعه أو تجريمه بالقانون هو بداية الحل، ومن ثم تحقيق وضع أفضل للمرأة في المجتمع. وانا على العكس تماماً، أرى أن منع التعدد أو حتى تجريمه هو نتيجة نهائية سنصل إليها تدريجياً إن اعتقدنا بالفعل أن المرأة مساوية للرجل، وبدأنا في تغيير كل القوانين التي تفرّق وتميّز بين الرجل والمراة على المستوى القانوني أو الاقتصادي.

أنا ببساطة أرى أن بداية إلغاء أو تجريم تعدد الزوجات يكون من خلال تمكين المرأة اقتصاديا وقانونياً واجتماعياً، فبهذه الطريقة ستتحوّل المرأة من مواطن درجة ثانية إلى مواطن درجة أولى قادر على أن يكون له حقوق مساوية تماماً للرجل، وبالتالي لن تقبل المرأة أن تتزوج برجل تشاركها به إمرأة ثانية.

أنا أرى أن تغيير القوانين هو خط النهاية وليس خط البداية. خط البداية في هذا الموضوع يكون من المدارس، بتعليم التلاميذ المساواة بين الرجل والمرأة، ومن ثم بالتأكيد على أن مؤسسة الزواج هي مؤسسة تتشاركها المرأة مناصفة مع الرجل، وليس للرجل فيها أفضلية على المرأة، أما أن نفرض على المجتمع -فجأة- قانون يجرّم التعدد فهو نوع من العبث اليساري الثوري الذي لا يراعي الواقع، بل يهيم في دنيا الأحلام مبتعداً عن الواقع بعد أن أعماه الغضب ورفض هذا الواقع. 

في النهاية أريد أنا أؤكد على أني -شخصياً- مع الإكتفاء بزوجة واحدة، وبالنسبة لي أرى أن هذا هو الطبيعي والمنطقي في ظل الحياة الحديثة التي نعيشها الآن، والتي تساوي بين الرجل والمرأة، ولكن -وفي نفس الوقت- أرى أن التعدد لا يزال يناسب الكثير من الأفراد في مجتمعنا سواء من الرجال أو من النساء، ليس حباً في التعدد، وإنما لأسباب اجتماعية واقتصادية وقانونية وثقافية سائدة، دورنا هو أن نزيل هذه الأسباب تدريجياً من مجتمعنا وليس دورنا أن نفرض على المجتمع منع وتجريم التعدد رغبة منا في التقدم وفي إعطاء المرأة حقوقاً إضافية. 

حقوق المرأة التي ستجعلها حرة نفسها وتقرر من تتزوج وكيف تتزوج هي الأولى باهتمامنا الآن، فهذه دعوة مني إلى تمكين المرأة اقتصاديا واجتماعياً وقانونيا ليتسنى لها هي أن تختار بنفسها من تتزوج وكيف تتزوج بكامل إرادتها وحريتها. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحلة الخمسينات والستينات هي مرحلة الصعود السريع للهاوية

مرحلة الخمسينات والستينات هي المرحلة المؤسسة للإنهيار الحضاري والأخلاقي اللي احنا عايشينه النهردة في مصر .. وأغلب الناس اللي شايفنها مرحلة ر...